الأربعاء، 1 أكتوبر 2008

الفكر السياسي في دولة الإسلام والمواقف العدائية للغرب


الدكتور أحمد الجُبير

أستاذ مشارك / كلية القانون

جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

ahmad.aljobair@hotmail.com
مقال منشور في الحوار المتمدن - العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22.



كانت نظرة المفكرون الغربيون الى مفكري دولة الإسلام على إنهم رواد الأخلاق والفكر الفلسفي، ولكنهم لايحملون باع طويل في مجال الفكر السياسي. هذه النظرة القاصرة كان سببها هو أن الأوربيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر يجهلون تماماً خصائص أو طبيعة الفكر السياسي عند المسلمين. بمعنى أكثر دقة إنهم كانوا يعطون أحكاماً مسبقة مفادها أن المسلمين لم يكن لديهم رؤية واضحة للفكر السياسي، وإن دينهم وثقافتهم الخاصة كانت خالية من أي فكر سياسي. وهذا ليس بغريب، رغم أن دولة الإسلام ابرزت للعالم شعلة من أعلام الفكر السياسي نبرز منهم على سبيل المثال :


أبن أبي الربيع : هو :


( شهاب الدين أحمد بن أبي الربيع: مؤلف كتاب " سلوك المالك في تدبير الممالك"

والذي إتفق فيه مع " أرسطو" من أن الأنسان يميل بطبعه الى الإجتماع ، أي أنه حيوان أجتماعي مدني، إلا أن إبن أبي الربيع إختلف معه بكون إن هذا الميل الطبيعي للإجتماع خلقه الله سبحانه وتعالى في الإنسان وبذلك فأنه أضفى طابعا إلهياً لميل الإنسان نحو الجماعة وهذا مايفرقه عما جاء في الفكر اليوناني. كما ضمًن كتابه المذكور الجديد من أفكاره السياسية المتعلقه بأشكال الحكومات، ومكانة الإنسان بالنسبة لباقي الكائنات الحية وفرقه عنها،

وتقسيم العلوم، ومكان علم السياسة منها، كما تطرق في كتابه الى أركان الدولة التي لخصها في الملك والرعية والعدل والتدبير.

الفارابي : هو :

( أبونصر بن محمد الفارابي المولود في 873 ميلاديه) من أوائل الفلاسفة الكبار في التاريخ العربي الإسلامي وأقربهم الى فهم فلسفة أرسطو. وله من الكتب والرسائل التي تجاوز عددها المائه أما أهم مؤلفاته السياسية

فكانت:
آراءأهل المدينة الفاضلة.

تحصيل السعادة السياسة المدنية..

وقد قسًم الفارابي العلوم الى

  • العلوم النظرية
  • والعلوم العملية والتي قسمها بدورها الى :
    1. الفلسفة الخلقية
    2. والفلسفة السياسية.


الماوردي : هو :


( أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري المولود في 974 ميلاديه ) ويعتبر علم من أعلام الفكر الإسلامي، ورجل من أبرز رجال السياسة في الدولة العباسية. وله مولفات عديدة. أما أشهر كتبه السياسية فهي:

  • الأحكام السلطانية.
  • نصيحة الملوك.
  • تسهيل النظر وتعجيل الظفر.
  • قوانين الوزاره، وسياسة الملك.

وينتهي الماوردي الى أن الإنسان مدني بطبعه، وهذا ما إنتهى اليه الذين سبقوه كإبن الربيع والفارابي. إضافة الى إنه حدد وبدقة الصفة المحدودة لصفات الخليفة ، وإتجاهاتها نحو الخير العام، كما حدد واجباته العامة.

ويرى الماوردي إن مهام الإمام" الخليفة "، تعتبر حقوقاً للأمه. وتُعًد كتابات الماوردي السياسية تعبيراً عن آلامة ، حيث كان شاهدا على ضعف مركز الخلافة العباسية، وما لحق بها حيث أصبح الخلفاء كالآلات المسخرة بيد الفرس تارة والأتراك تارةً أخرى.


إبن خلدون : هو .


( ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد المولود سنة 1332 ميلاديه) ومؤلف كتاب المبتدأ والخبر في أيام العرب والبربر ومن عاشرهم من ذوي السلطان الأكبر.

وبمنهج تجريبي أطل هذا العبقري بأفكاراً عن طريقة الحكم أعدها بعض الكتاب الغربيين بأنها من تأثيرات الفكر الغربي.

وخير مايذكر إبن خلدون بخصوص تكوين الدول في مؤلفه ( من أن الدوله تمر بعدة مراحل إذ تنشأ على أنقاض دوله سابقه ، ثم ينفرد الحاكم بالحكم بعد التخلص من كل أصحابه ، بعدها تمر الدولة في مرحلة الفراغ والدًعة وهي مرحلة إقتطاف الثمرات، تليها مرحلة القنوع والمسالمة، فيعيش الملك في سلام مع الأصدقاء والأعداء على السواء. وفي النهايه تمر الدولة بطور الإسراف والتبذير وفيها تنقرض الدولة وتزول).

وليس من المصادفة أن نذكر، أنه وفي الوقت الذي نشر هؤلاء العلماء آراءهم ووجهات نظرهم السياسية في الكثير من المؤلفات التي تُعتبر مراجع أساسية في علم السياسة ، ( ناهيك عن دورهم في مجالات العلوم الأخرى) ، فإن أوربا كانت تعيش في ذات الوقت في ظلام دامس، إذ أن مجتمعاتها كانت تعيش على تراكمات من التخلف والجهل وفي ظل أنظمة إقطاعية غاية في الإجحاد وعدم المسؤولية تجاه شعوبها.

ولكن كل ذلك لايبعد مافي النفوس البغيضة من بغض لهكذا شعلة وقًادًة من علماء الدولة الإسلامية، ورغم كل ماقدموه لعلم السياسة فهناك من يشكك في قدراتهم رغم مجهوداتهم الجبارة في الأخذ والصهر والعطاء ، ( ذلك العطاء الغني عن التعريف ).

ولكننا في الوقت ذاته لانستغرب من أقاويل الغرب التي شوًهت كل شيء ، حتى التاريخ !، وبلدانهم التي سرقت كل شيء حتى الحضارات. فما عسانا أن نرًد وجلً مخطوطات دولة الإسلام في متاحف الغرب ومكتباته وقد سُرقت من أماكنها. وما عسانا أن نقول بعد أن هدًوا دولة الإسلام ونهبوا كل شيء من معارفها وعلومها. وما عسانا أن نفعل بعد أن فتتوا الأرض وإحتلوا الديار وإستباحوا كل شيء. وأصبح عندنا كلً شيء بمقدار.



ليست هناك تعليقات: