الجمعة، 10 أكتوبر 2008

العراق القديم منبع ديمقراطية العالم. فأين موقعه اليوم؟


الدكتور أحمد الجُبير

أستاذ مشارك. كلية القانون. جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

Ahmad.aljobair@hotmail.com




إن التقدم المادي الذي حققته شعوب الشرق القديم، لايمكن أن يكون بمعزل عن تقدم الفكر الإنساني في هذه المجتمعات، والذي يشمل بالدرجة الأساس الفكر السياسي. فالملوك في حضارة سومر وأكد، وبحكم صفات الزعامة، والدراية العسكرية لديهم لم يصلوا الى السلطة تلقائياً،

إذ كانت كل مدينة تختار زعيمها عن طريق مندوبين عن سكانها، فكان أن شكلت المدينة مجلسين للتأثير على القرار السياسي :

أحدهما يضم كبار السن والأعيان.

والآخر يضم الرجال القادرون على حمل السلاح.

وعن طريقهما يتم إختيار الملك والهيمنة على الشؤون العامة للدولة. وهو مبدأ ينطبق والفكر السياسي الحديث. وقد أفرز هكذا نظام، قادة عظام كسرجون الأول، الذي وحًد المدن وكوًن الإمبراطورية من الخليج حتى البحر المتوسط.

إلا أن السومريون لم يستطيعوا أن يحافظوا على وحدتهم زمناً طويلاً فنشأ من ذلك، نظام " دويلات المدن "

قبل أن يعرف الإغريق هذا النظام بحوالي 2000 سنة، وقد تميز هذا النظام، بالتنافس والصراع من أجل الهيمنة، إلا في بعض المجالات " كالدفاع مثلاً، وفي بعض العلاقات التجارية" حيث يتم فيها تعاون جميع الأطراف.

ولتعلم عزيزي القاريء الكريم، من أن ملوك سومر الأوائل :

لم يكونوا طغاة أو مستبدين، ولم تكن لهم الحرية في العمل،

إلا إذا إستشاروا مواطنيهم من النبلاء في المصالح الكبرى للدولة

وعلى الأخص في قضايا الحرب والسلم، والذين كانوا يجتمعون في جمعيات تمثيلية.

إن الرجوع الى مؤسسات ديمقراطية بهذا الشكل منذ الألف الثالث قبل الميلاد،

مثًل إسهاماً سومرياً جديداً في الحضارة الإنسانية، لأنه دلً على أن الديقراطية ليست من صنع الغرب،

وإن الشرق الأوسط يمكن أن يكون مهداً للديمقراطية، مهما بدت هذه الديمقراطية لأول وهلة بدائية الشكل.

ويشار في نفس السياق، الى أن حمورابي أعاد ( في القرن الثامن عشر قبل الميلاد ) وحدة العراق وترك لمجلسي الكبار والجمعيات الوطنية أن يلعبا دوراً مهما في حياة الدولة. وحين التدقيق فيما تركته هذه الفترة من الحكم، نرى إنها تركت أروع القوانين الإنسانية، ويعتبر " أوركاجينا" ملك لجش أول مشًرع في تاريخ البشرية.

ويؤكد المختصون في عالم السياسة، على أن أغلب العناصر الحيوية للسياسة البابلية تضمنتها شريعة حمورابي التي هي، مجموعة قوانين إجتماعية وسياسية إشتملت على حماية حقوق الأفراد وعلى نصوص خاصة بإنعاش التجارة والنشاطات الإقتصادية المختلفة. هذا وقد أشارت مراجعهم على أن : * التأثير على حقوق الأفراد،

* وتشخيص طبيعة سلطات الحاكم،

* ووجود مجالس الكبار،

* والمجالس الشعبية أو الوطنية،

كل ذلك عَبًر عن خطوة متقدمة في تاريخ الفكر والتنظيم السياسي، إذا ماقيس بما كان في البلدان الأخرى في ذلك الوقت ، حيث سيادة الحكم الأستبدادي البعيد عن الإنسانية ، والبنى الطبقية التي كانت تحتويها، والتي كانت تعًد أكثر تصلباً مما هي في بابل القديمة.

فإذا كان كل ذلك في التاريخ العراقي القديم ، فأين هو اليوم من تطبيق ديمقراطية الأمس ؟

وحين نروم الإجابة على هذ السؤال، علينا تحديد فيما لو وجدت الديمقراطية في هذا البلد اليوم، ووفق أي المذاهب يطبق هذا المفهوم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إنظر د. أحمد الجبير: " مبادىء العلوم السياسية " منشورات الجامعة المفتوحة. طرابلس. 1995.

ص.80 ـ 82.

(2) إنظر:

Samuel Noah KRAMER: ”L´hístoir commence á sumer” Arthand.Paris. 1975.P58.

(3) المرجع السابق. ص. 59.

هناك 4 تعليقات:

Dr. Ahmad Aljobair يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
ahmad aljobair يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

لسلام عليكم

غير معرف يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...
فالبداية احب اشكر الدكتور احمد على هالموضوع الرائع والذي شارك من خلالة العراق كمواطن ودكتور مخلص ووفي لهذا الوطن وانا كوني احدى طالباته والمتخرجه على يدية اشهد له بكل الاعمال التي قام بها من اجل التقدم في مستوى القانون..متمنية له كل النجاح والتوفيق والى الامام دوماً